الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.ولاية عمرو بن الليث على خراسان ثانيا ومقتل رافع بن الليث. ثم سخط المعتمد رافع بن الليث لامتناعه عن تخلية قرى السلطان بالري بعد أن أمره بذلك فكتب إلى أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف يأمره بمحاربة رافع وإخراجه عن الري وكتب إلى عمرو بن الليث بولاية خراسان وحارب أحمد بن عبد العزيز سنة ثمانين ومائتين فقاتل أخويه عمر وبكر ابني عبد العزيز فهزمهما إلى أصفهان وأقام بالري باقي سنته ثم سار إلى أصفهان فملكها سنة إحدى وثمانين ومائتين وعاد إلى جرجان ووافى عمرو بن الليث خراسان واليا عليها بجموعه وتورط رافع بن الليث ورجع إلى مصالحة محمد بن زيد ويعيد إليه طبرستان فصالح محمد بن زيد وخطب له بطبرستان سنة اثنتين وثمانين ومائتين على أن يمده بأربعة آلاف من الديلم وسار عن طبرستان إلى نيسابور سنة ثلاث وثمانين ومائتين فحاربه عمرو وهزمه إلى أبيورد وأخذ منه المعدل والليث ابني أخيه ثم أراد رافع المسير إلى هراة فأخذ عليه عمرو الطريق لسرخس وسرب رافع في المضايق ونكب عن جمهور الطريق فدخل نيسابور وحاصره فيها عمرو بن الليث ثم برز للقائه واستأمن بعض قواد رافع إلى عمرو فانهزم رافع وأصحابه وبعث إلى محمد بن وهب يستمده كما شرط له وكان عمرو قد حذر محمد بن زيد من إمداده فأقصر من ذلك وتفرق عن رافع أصحابه وغلمانه وكانوا أربعة آلاف غلام وفارقه محمد بن هرون إلى أحمد بن إسمعيل بن سمان ببخاري وخرج رافع منهزما إلى خوارزم في فل من العسكر وحمل بقية المال والآلة وذلك في رمضان سنة ثلاث وثمانين ومائتين فلما رآه صاحب خوارزم أبو سعيد الغرغاني في قلة من العسكر غدر به وقتله في أول شوال وحمل رأسه إلى عمرو بن الليث بنيسابور فأنفذه عمرو إلى بغداد فكتب إليه المعتضد بولاية الري مضافة إلى خراسان وأنفذ له الألوية والخلع سنة أربع وثمانين ومائتين..استيلاء بني سامان على خراسان وهزيمة عمرو بن الليث وحبسه ثم مقتله. لما بعث عمرو بن الليث برأس رافع بن هرثمة إلى المعتضد طلب ولاية ما وراء النهر فولاه وبعث إليه بالخلع واللواء فسرح عمرو الجيوش من نيسابور مع قائده محمد بن بشير وغيره من قواده لمحاربة إسمعيل بن أحمد وانتهوا إلى آمد فعبر إسمعيل جيحون وهزمهم وقتل محمد بن بشير وغيره من قواده ورجع الفل إلى عمرو بنيسابور وعاد إسمعيل إلى بخاري وتجهز للسير إلى إسمعيل وسار إلى بلخ وبعث إليه إسمعيل: إنك قد حزت الدنيا العريضة فاتركني في هذا الثغر فأبى وعبر إسمعيل وأخذ عليه الجهات فصار محصورا وندم وطلب المحاجزة فأبى إسمعيل وقاتله فانهزم عمرو ونكب عن طريق العسكر إلى مضيق ينفرد فيه وتوارى في أجمة فوحلت به دابته ولم يتفطن له أصحابه فأخذ أسيرا وبعث به إسمعيل إلى المعتضد بعد أن خيره فاختار المسير إليه ووصل إلى بغداد سنة ثمان وثمانين ومائتين وأدخل على جمل وحبس وبعث المعتضد إلى إسمعيل بولايته خراسان إلى أن توفي المعتضد وجاء المكتفي إلى بغداد وكان في نفسه إصطناعه وكره ذلك وزير القاسم بن عبيد الله فوضع عليه من قتله سنة تسع وثمانين ومائتين..ولاية طاهر بن محمد بن عمرو على سجستان وكرمان ثم على فارس. ولما أسر عمرو وسار إلى محبسه قام مكانه بسجستان وكرمان حافده طاهر بن محمد ابن عمرو وهو الذي مات أبوه محمد بمفازة سجستان عندما هرب عمرو أمام الموفق من فارس ثم سار طاهر إلى فارس وسار إليها في الجيوش سنة ثمان وثمانين ومائتين واعترضه بدر فعاد طاهر إلى سجستان وملك بدر فارس وجبى أموالها ثم بعث طاهر بن محمد سنة تسع وثمانين ومائتين يطلب المقاطعة على فارس بمال يحمله وكان المعتضد قد توفي فعقد له المكتفي عليها وتشاغل طاهر بالصيد واللهو ومضى إلى سجستان فغلب على الأمر بفارس الليث ابن عمه علي بن الليث وسبكرى مولى جده عمرو وكان معهما أبو قابوس قائد طاهر فلحق بالخليفة المكتفي وكتب طاهر رده بما جباه من المال ويحتسب له من جملته فلم يجب إلى ذلك..استيلاء الليث على فارس ثم مقتله واستيلاء سبكرى. ولما تغلب سبكرى على فارس لحق الليث بن علي بطاهر ابن عمه وزحف طاهر إلى فارس فهزمه السبكرى وأسره وبعث وبأخيه يعقوب إلى المقتدر سنة سبع وتسعين ومائتين وضمن فارس بالحمل الذي كان قرره فولاه على فارس ثم زحف إليه الليث ابن علي بن الليث فملك فارس الليث للقائهم وجاءه الخبر بأن الحسين ابن حمدان صار من قم مددا لمؤنس فركب لاعتراضه وتاه الدليل عن الطريق فأصبح على معسكر مؤنس فثاروا واقتتلوا وانهزم عسكر الليث وأخذ أسيرا وأشار أصحاب مؤنس بأن يقبض على سبكر معه ويملك بلاد فارس ويقره الخليفة فوعدهم بذلك ودس إلى سبكرى بأن يهرب إلى شيراز وأصبح يلوم أصحابه على ظهور الخبر من جهتهم وعاد بالليث إلى بغداد واستولى سبكر على فارس واستبد كاتبه عبد الرحمن بن جعفر على أموره فسعى فيه أصحابه عند سبكرى حتى قبض عليه وحملوه على العصيان فمنع الحمل فكتب هو من محبسه إلى الوزير ابن الفرات يعرفه بأمرهم وكتب ابن الفرات إلى مؤنس وهو بواسط يأمره بالعود إلى فارس ويعاتبه حيث لم يقبض على سبكرى فسار مؤنس إلى الأهواز وراسله سبكرى وهاداه وعلم ابن الفرات بميل مؤنس إليه فأنفذ وصيفا وجماعة من القواد ومعهم محمد بن جعفر وأمرهم بالتعويل عليه في فتح فارس وكتب إلى مؤنس باستصحاب الليث إلى بغداد ففعل وسار محمد بن جعفر إلى فارس ورافع سبكرى على شيراز فهزمه وحاصره بها وحاربه ثانية فهزمه ونهب أمواله ودخل سبكرى مفازة خراسان فظفرت به جيوش خراسان وأسروه وبعثوا به إلى بغداد وولى على فارس فتح خادم الأفشين.
|